بوركت فلسطين في القرآن الكريم خمس مرّات، وقدّست مرّة. وسبق لنا أن ناقشنا مفهوم القداسة، وبالتالي مفهوم الأرض المقدسة، أي المطهرة، والتي لا يُعَمَّر فيها ظالم. ولقد تميزت فلسطين على باقي بقاع الأرض بأنها المقدسة والمباركة. جاء في الآية 18 من سورة المائدة على لسان موسى، عليه السلام : " يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة... " وجاء في الآية 71 من سورة الأنبياء في حق ابراهيم، عليه السلام: " ونجيناه ولوطاً إلى الارض التي باركنا فيها للعالمين ". واللافت للاهتمام في هذه الآية أنّ فلسطين مبارك فيها للبشرية جمعاء، وهذا يدعو إلى التدبّر، لعلنا ندرك بعض أسرار هذه البركة.
البركة فيها معنى الثبات والاستقرار؟، وفيها معنى الاستمرار والملازمة، ومنه سمي المكان الذي هو محبس للماء بركة. وعليه فالبرَكَة هنا _ كما جاء في قول المفسرين _ هي ثبوت الخير الإلهي في الشيء، أو هي الخير المستقر في الشيء اللازم له. وهذا يعني أنّ الخير الإلهي حَلَّ في كينونة فلسطين، وهذا الخير يلازمها في كل العصور، إلى يوم القيامة. وتتجلى بركتها في كونها مقدّسة ومطهّرة من الشّر، ولا يتجذر فيها باطل.
لقد نجحت الحملات الصليبية في احتلال مساحات شاسعة من العالم العربي والإسلامي، وكانت فلسطين هي الهدف المركزي لهذه الحملات، وعندما حُسم الصراع على أرضها المباركة، رجع الصليبيون الى بلادهم وقد تأثروا تأثراً بالغاً بفكر وأخلاقيات الشرق الاسلامي. وكانت هزيمتهم من اهم المقدمات للنهضة الغربية في كافة المجالات. وكان لهذه التجربة الأثر الكبير في انسياح الأوروبيين غرباً مما أدّى الى اكتشاف الأمريكيتين. وإذا كانت حطين هي نقطة تحوّل هامّة في تاريخ المسلمين والأوروبيين، فإن عين جالوت كانت المنعطف الحاد الذي نقل المغول من أمّة مفسدة، وسافكة للدماء، إلى أمّة متحضّرة، تقيم العدل على أساس من الدين الاسلامي الحنيف.
لا نستطيع أن نتخيل صورة العالم لو نجحت حملة نابليون في الشرق العربي، ومعلوم أنّ هزيمته في فلسطين هي التي قضت تماماً على طموحه في السيطرة على الشرق الإسلامي، بل وقوّضت سيطرته في أوروبا، وقلبت موازين القوى في حينه. واليوم شكّل الاحتلال الصهيوني لفلسطين تحدياً كبيراً للعرب والمسلمين، ولا يزال هذا التحدي يشكل استفزازاً لوعي الشعوب في المنطقة؛ فالإخفاقات قد تسبب إحباطاً مؤقتاً ولكنها تسرّع في الوعي، وتسقط الكثير من الأصنام والوثنيّات، وتدفع بقوة نحو العودة إلى الذات الحضارية الواعيّة.
لقد شكلت القضيّة الفلسطينيّة حاجزاً صلباً حمى وحفظ شعوب المنطقة من الذوبان في الحضارة الغربيّة. وقد وقع ذلك في الوقت الذي كان فيه الإنسان في العالم العربي والإسلامي يعاني من الأمية والتخلف؛ فعندما شعرت الشعوب العربية والإسلامية بعداوة الغرب الشرسة، وعندما رأت هذا الغرب يبذل المال والسلاح والخبرات ليقيم الكيان الصهيوني على تراب الأرض المباركة، أدركت أنّه العدو التاريخي، وأنّه النقيض الحضاري، فأصبح الإنتماء إلى الذات الحضاريّة يقود بالضرورة إلى رفض التغريب. إنّ الإخفاق في حل المسألة الفلسطينيّة يعني أنّ الأمّة لم تصل بعد إلى طور العالميّة. وفي الوقت الذي نستطيع فيه أن نحل هذه المسألة حلاً عادلاً نكون قد أصبحنا في المستوى اللائق بحمل رسالة الاسلام للعالم. وإذا تكلمنا بمنطق من يدرس التاريخ، ويراقب الواقع، ويرصد التحولات، فلن نتردد لحظة في القول بأنّ حل المسألة الفلسطينيّة هو مسألة وقت. وتاريخ الأرض المباركة يشهد بذلك. ولسنا بحاجة إلى الإصغاء إلى المحبطين، لأنّهم حالة مرضيّة، وعقيدة وثنيّة، وبمثل هؤلاء لا يزداد الناس إلا سقوطاً.
البركة فيها معنى الثبات والاستقرار؟، وفيها معنى الاستمرار والملازمة، ومنه سمي المكان الذي هو محبس للماء بركة. وعليه فالبرَكَة هنا _ كما جاء في قول المفسرين _ هي ثبوت الخير الإلهي في الشيء، أو هي الخير المستقر في الشيء اللازم له. وهذا يعني أنّ الخير الإلهي حَلَّ في كينونة فلسطين، وهذا الخير يلازمها في كل العصور، إلى يوم القيامة. وتتجلى بركتها في كونها مقدّسة ومطهّرة من الشّر، ولا يتجذر فيها باطل.
لقد نجحت الحملات الصليبية في احتلال مساحات شاسعة من العالم العربي والإسلامي، وكانت فلسطين هي الهدف المركزي لهذه الحملات، وعندما حُسم الصراع على أرضها المباركة، رجع الصليبيون الى بلادهم وقد تأثروا تأثراً بالغاً بفكر وأخلاقيات الشرق الاسلامي. وكانت هزيمتهم من اهم المقدمات للنهضة الغربية في كافة المجالات. وكان لهذه التجربة الأثر الكبير في انسياح الأوروبيين غرباً مما أدّى الى اكتشاف الأمريكيتين. وإذا كانت حطين هي نقطة تحوّل هامّة في تاريخ المسلمين والأوروبيين، فإن عين جالوت كانت المنعطف الحاد الذي نقل المغول من أمّة مفسدة، وسافكة للدماء، إلى أمّة متحضّرة، تقيم العدل على أساس من الدين الاسلامي الحنيف.
لا نستطيع أن نتخيل صورة العالم لو نجحت حملة نابليون في الشرق العربي، ومعلوم أنّ هزيمته في فلسطين هي التي قضت تماماً على طموحه في السيطرة على الشرق الإسلامي، بل وقوّضت سيطرته في أوروبا، وقلبت موازين القوى في حينه. واليوم شكّل الاحتلال الصهيوني لفلسطين تحدياً كبيراً للعرب والمسلمين، ولا يزال هذا التحدي يشكل استفزازاً لوعي الشعوب في المنطقة؛ فالإخفاقات قد تسبب إحباطاً مؤقتاً ولكنها تسرّع في الوعي، وتسقط الكثير من الأصنام والوثنيّات، وتدفع بقوة نحو العودة إلى الذات الحضارية الواعيّة.
لقد شكلت القضيّة الفلسطينيّة حاجزاً صلباً حمى وحفظ شعوب المنطقة من الذوبان في الحضارة الغربيّة. وقد وقع ذلك في الوقت الذي كان فيه الإنسان في العالم العربي والإسلامي يعاني من الأمية والتخلف؛ فعندما شعرت الشعوب العربية والإسلامية بعداوة الغرب الشرسة، وعندما رأت هذا الغرب يبذل المال والسلاح والخبرات ليقيم الكيان الصهيوني على تراب الأرض المباركة، أدركت أنّه العدو التاريخي، وأنّه النقيض الحضاري، فأصبح الإنتماء إلى الذات الحضاريّة يقود بالضرورة إلى رفض التغريب. إنّ الإخفاق في حل المسألة الفلسطينيّة يعني أنّ الأمّة لم تصل بعد إلى طور العالميّة. وفي الوقت الذي نستطيع فيه أن نحل هذه المسألة حلاً عادلاً نكون قد أصبحنا في المستوى اللائق بحمل رسالة الاسلام للعالم. وإذا تكلمنا بمنطق من يدرس التاريخ، ويراقب الواقع، ويرصد التحولات، فلن نتردد لحظة في القول بأنّ حل المسألة الفلسطينيّة هو مسألة وقت. وتاريخ الأرض المباركة يشهد بذلك. ولسنا بحاجة إلى الإصغاء إلى المحبطين، لأنّهم حالة مرضيّة، وعقيدة وثنيّة، وبمثل هؤلاء لا يزداد الناس إلا سقوطاً.